قبيل صدور القرار الظني للمحكمة الدولية، والذي أعلنه الجنرال الإسرائيلي أشكينازي، متهما حزب الله باغتيال الشهيد الحريري،يبادر الحزب إلى صد الهجوم القضائي المسيس على ثلاثة محاور:
- المحور الأول: إدخال إسرائيل في دائرة المتهمين ،لعدم إبقائها خارج الشبهة حتى لا تكون حرة وطليقة لتحريف مسار العدالة.
- المحور الثاني: إسقاط السنوات الخمس من عمر المحكمة الدولية،ولإثبات عدم مهنيتها وكذلك عدم عدالتها والتسييس الذي يسيرها،وصولا لإعادة تأسيسها على أسس واضحة ومناقشة شراكة الحكومة اللبنانية.
- المحور الثالث: تبرئة المقاومة من الاغتيال السياسي الداخلي،لإبقاء طهارتها ونقائها،وتثبيت أهدافها المحصورة بالدفاع عن لبنان،بمواجهة العدو الإسرائيلي،وكذلك عدم استعمال السلاح في الخصومة أو التنافس السياسي الداخلي حتى لا تقع في الفتنة.
ومع توجيه الإتهام للعدو الإسرائيلي، ستتحول قضية الاغتيال من كرة لهب بوجه المقاومة،ومحور الممانعة وفي مقدمتها سوريا إلى كرة نار تحرق رعاة شهود الزور ورواد الإتهام السياسي لسوريا،وتعيد رسم المشهد السياسي في لبنان.
إن اغتيال الحريري يمثل محاولة إنقلابية دموية نفذتها إسرائيل بتعاون داخلي، بقي مستمرا بعد الاغتيال عبر المنهج السياسي والميداني الذي اتهم واعتقل وسجن وأسس للفتنة المذهبية وإخراج سوريا والدعوة إلى إسقاط نظامها.
لكن السؤال المطروح كيف ستتعامل المحكمة الدولية والقوى السياسية خاصة قوى 14 أذار مع هذا الاتهام..؟،هل ستقف بمواجهة هذا الاتهام ولا تتقبله مكابرة حتى لا يتهمها الآخرون بالتضليل مما ينقذ اسرائيل ،عن غير قصد ، وإما أن تتلقف هذا الاتهام وتتعاون مع المقاومة لجمع الأدلة والقرائن وتثبيتها لإستنقاذ الحريري من البازار الدولي والإستغلال الإسرائيلي، لإحداث فتنة داخلية،ويستعيد الرئيس الحريري دمه معنويا ، شهيدا للبنان باليد الإسرائيلية وليس باليد العربية والإسلامية .
أما المحكمة الدولية فإنها أمام إمتحان مفصلي بعد رسوبها بإمتحان محاكمة شهود الزور ، بإعلان عدم إختصاصها بمحاكمتهم وهي التي بنيت أركانها وأسسها وميزانيتها على أساس شهاداتهم المزورة والمضللة،بل ومنعت من إعطاء شهاداتها للمتضررين من أفعالها ومن أقوالهم.
فهل ستأخذ المحكمة هذه الادلة وتطلب التحقيق مع الشخصيات الإسرائيلية المتهمة، كما طلبت من سوريا قبلا... وهل ستتجاوب إسرائيل وتتعاون أم أنها ستحذو حذو الدول الأخرى التي لم تتعاون مع المحكمة وفي مقدمتها أميركا،ولم تشهر المحكمة بها وتتهمها بإعاقة تحقيق العدالة.
ومع قناعتنا بأن المنظومة الدولية بمؤسساتها القضائية والسياسية لن تحاكم ولن تتهم إسرائيل وهي التي حمتها في قضية اغتصاب فلسطين والتي تحميها من مفاعيل مجازر غزة وقانا وصبرا وشاتيلا ،و أسطول الحرية،وتمنع عنها المحاكمة في تقرير غولدستون،وتحميها في قضية اغتيال القيادي في حماس الشهيد المبحوح، وكذلك قيادات المقاومة في لبنان.
هل يمكن لهذه العدالة الدولية المشبوهة التي امتنعت عن تشكيل محكمة باغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية بنازبر بوتو مع أن عائلتها طلبت ذلك ؟؟؟.
العدالة الأميركية والغربية يمكن أن تبيع الحقيقة أو الإتهام بالتعويضات المالية والسياسية والإقتصادية ،كما حصل في قضية لوكربي مع ليبيا ومع المعدات النووية مع ليبيا أيضا،ويمكن أن تساوم على حقوق الإنسان كما تفعل مع بعض الانظمة مقابل النفط ومصادرة القرار السياسي.
من يبحث عن الحقيقة في اغتيال الرئيس الحريري هم الوطنيون المقاومون الذين يريدون استعادة قضية الحريري من الأسر كما استعادوا الأرض عام 2000، وكما استعادوا الأسرى الأحياء وجثامين الشهداء، فإن المرحلة القادمة هي مرحلة تحرير الحريري من الأسر الدولي ومن التضليل والإفتراء،ليعود الحريري كما كان قبل الشهادة نصيرا للمقاومة، وكما رفض أن يكون خنجرا في ظهر المقاومة حيا ،لن يكون خنجرا في صدر المقاومة شهيدا.
فليتحد اللبنانيون من أجل العدالة الحقيقية ...وفاء للحريري وثأرا للبنان.